إدارة التنمية الاسرية - أُسرة مُطمنئِة .. لِوطن آمِن

فرحة العيد

05 يوليو 2023

الحمدلله الذي شرح صدور أوليائه بأفراح محبته وأنار بصائرهم بجلائل علمه وحكمته ، وبهر العقول بأعاجيب قدرته ، نحمد سبحانه ونشكره ونثني عليه ونمجده ونشهد ألا اله الاه الله وحده لا شريك له، عز جاهه وعظم سلطانه وتقدست أسماؤه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه أعلم الخلق بربه وأخشاهم وأتقاهم ، وعلى آله ويحبه أجمعين ،

الحمدلله عدد ماخلق والحمدلله ملء ماخلق والحمدلله عدد مافي الأرض والسماء والحمدلله ملء مافي الأرض والسماء والحمدلله عدد ما أحصى كتابه والحمدلله ملء ماأحصى كتابه والحمدلله عدد كل شيء والحمدلله ملء كل شيء

اما بعد نبارك لكم أخواتنا بلوغنا وإياكم مواسم عظيمة فاضلة يحبها الله وأعيادا سعيدة الفرح فيها عبادة لله، ففرحنا بالعيد فرح بالله وبدين الله وهو أعلى منازل الايمان وأعظم أبواب الاحسان لأنه في الحقيقة ثمرة ونتيجة مقامات ايمانية جليلة من المحبة والرضا واليقين والصبر وحسن الظن بالله ومافتح الله على عبده من الخير والكرم بمثل أن يمتليء قلبه فرحاً بربه ومولاه ، فهناك تقر به العيون وتأنس به الارواح ويجمع الله له شأنه ويجعل غناه في قلبه وتأتيه الدنيا راغمة (يقول ابن القيم رحمه الله:من قرت عينه بالله قرت به كل عين وأنس به كل مستوحش وطاب به كل خبيث وفرح به كل حزين وأمن به كل خائف..)طريق الهجرتين وباب السعادتين).

الفرح بالعيد عبادة

ان ديننا دين الافراح يدعو لها، قال الله"  قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ  "يونس ٥٨،  : " أَيْ: بِهَذَا الَّذِي جَاءَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ فَلْيَفْرَحُوا ، فَإِنَّهُ أَوْلَى مَا يَفْرَحُونَ بِهِ ، هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ أَيْ: مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا مِنَ الزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ الذَّاهِبَةِ لَا مَحَالَةَ " انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/ 275).

ففضل الله تعالى ورحمته هو الهداية لدينه وشرعه ، وأخص ذلك هو القرآن المجيد والإيمان .

قال ابن القيم : " وَقَدْ دَارَتْ أَقْوَالُ السَّلَفِ عَلَى أَنَّ فَضْلَ اللَّهِ وَرَحْمَتَهُ هِيَ الْإِسْلَامُ وَالسُّنَّةُ ، وَعَلَى حَسَبِ حَيَاةِ الْقَلْبِ يَكُونُ فَرَحُهُ بِهِمَا، وَكُلَّمَا كَانَ أَرْسَخَ فِيهِمَا ، كَانَ قَلْبُهُ أَشَدَّ فَرَحًا ، حَتَّى إِنَّ الْقَلْبَ لَيَرْقُصُ فَرَحَا إِذَا بَاشَرَ رَوحَ السُّنَّةِ ، أَحْزَنَ مَا يَكُونُ النَّاسُ، وَهُوَ مُمْتَلِئٌ أَمْنًا ، أَخْوَفَ مَا يَكُونُ النَّاسُ " انتهى من"اجتماع الجيوش الاسلامية لابن القيم- المكتبة الشاملة" (2/ 38).

الحزن عارض من عوارض الطريق

اعلم أن الحزن من عوارض الطريق، ليس من مقامات الإيمان ولا من منازل السائرين. ولهذا لم يأْمر الله به في موضع قط ولا أثنى عليه، ولا رتب عليه جزاء ولا ثوابًا، بل نهى عنه في غير موضع كقوله تعالى: ﴿وَلا تَهِنُوا ولا تَحْزَنُوا وأنتُمُ الأعْلَوْنَ إن كُنْتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: ١٣٩]، وقال تعالى: ﴿وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ولا تَكُ فِى ضِيقٍ مِمّا يَمْكُرُونَ [النحل: ١٢٧]، والنبي جعل الحزن مما يستعاذ منه. وذلك لأن الحزن يضعف القلب ويوهن العزم، ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، قال تعالى: ﴿إنَّما النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا[المجادلة: ١٠]، فالحزن مرض من أمراض القلب يمنعه من نهوضه وسيره وتشميره

واعلم ان أعظم توفيق للعبد أن يعظم الله ومن تعظيمه الفرح بدين الله- يقول ابن تيميه رحمه الله: ففضلُ اللَّهِ ورحمتُهُ: القرآنُ والإِيمانُ، مَن فَرِحَ بِهِ فقد فَرِحَ بأَعظمِ مفروح بِهِ، ومن فَرِحَ بغيرهِ فقد ظلمَ نفسَهُ، ووضعَ الفرحَ في غير موضعهِ))مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (16/49).

 

ومما يدخل في هذا الفرح فرح المؤمن بالطاعة إذا عملها، وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك، فأنت مؤمن)) الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 489 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

. والمتأمل في الشريعة يرى أنها ربطت الفرح بالطاعات، فكان عيد الفطر بعد الفراغ من صيام رمضان وقيامه، وكان عيد الأضحى بعد أداء مناسك الحج.

 ماهي حقيقة الفرح ؟

الفرح حالة من سرور القلب وابتهاج النفس تغمر الانسان بسبب نيل مطلوب او تحقيق لذة ، والاشياء المفرحة في حياة الناس تختلف باختلاف مشاربهم وقناعاتهم ومنطلقاتهم ( ضرب امثلة واقعية)

قد يظن البعض ان الفرح هو الفرح بالأموال والمناصب والمراكب والدور والشهرة وغيرها من متع الدنيا ،

والحقيقة انها افراح قاصرة ناقصة بزوالها يزول الفرح، بل احياناً كثيرة تكون هالاسباب باباً للشقاء والألم والحزن خاصة اذا انشغل بها العبد عن وظيفته الاساسية التي خلق من أجلها وهي معرفة الله وعبادته قال الله في سورة الانعام : "

 

فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)"الأنعام

ان من اعظم مايدخل على قلب المؤمن الفرح والسرور معرفته بربه يفرح به سبحانه حين يشعر انه معه ينظر اليه ويسمع كلامه ويعينه ويؤيده ويكون سمعه الذي يسمع بع وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ، فما اسعد عيش هذا المؤمن وما أطيب حياته وما أقواه وما أحراه بالنصر والتأييد ولو كادته السماوات والأرضين ومن فيهم

هذه المعاني متى انتبه لها العبد رق قلبه قال الله في سورة الشعراء على لسان ابراهيم عليه السلام " فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (83) وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ (84) وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ (85)"الشعراء

ومثال ذلك ،،

استشعار أن الله هو البر الرحيم  الذي يسعك ويسع كل أمورك فمن معاني اسم الله البر انه عطوف على عباده ببره ولطفه فهو أهل البر والعطاء يحسن الى عباده في الارض والسماء ولا يقطع إحسانه بسب عصيان عبده، واسع الجود فما أعطانا من خيرات وصحة وقوة ومال وولد وأنصار من برّه سبحانه ،عطاؤه حكمه ومنعه حكمه، يصرف عن عباده المكاره والنقم والاخطار والمضار وذلك من رحمته وبرّه، علم تعالى من مصالح عباده مالا يعلمون ، وأجرى عليهم مكاره توصلهم الى مايحبون، بل رحمهم بالمصائب والآلام فجعل الآلام كلهما خيراً للمؤمن الذي يصير قَالَ رَسُولُ الله : عَجَباً لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ. رواه مسلم.

ونختم مقالنا بهذه الكلمات ،،

كلما قوي فرح العبد بربه كلما سهلت عليه العبادة وهانت عليه المصائب فمن فرح بالله لم يحزن على مافات ولم ييأس من واقع ولم يسخط على حال، ومن فرح بالله لم يجزع لمصيبة لأنه مع ربه في ليله ونهاره يمده بعونه وتوفيقه ويذيقه من لذة الأنس به والركون إليه ،، ويطعمه أفراح الأرواح مايتسيه كل هم وحزن وضيق،فقد كان عليه الصلاة والسلام على الرغم من إحزانه وبلاءاته الا انه كان أسعد الناس وأطيبهم عيشة وأشرح الناس صدراً.

عظموا شعائر الله وافرحوا بالعيد فأن فرحكم هذا من أعظم الأفراح.

كبروا الله تعظيماً فإنه أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم، الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله الا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

تقبل الله طاعتكم وكل عام وانتم بخير

المراجع :

فقه الاسماء عبدالرزاق البدر

الدرر السنية

شرح اسم البر دنوال العيد

شرح اسم البر اناهيد السميري

فقه سرور القلب  - فقه الحزن (موسوعة فقه القلوب للتويجري)

تفسير ابن القيم ( الباحث القرآني)

فتح الرحيم الملك العلام ( ابن سعدي)

وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - صفحة المرأة